فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ الْفِطْرَةُ فِي الأَبْدَانِ أَوْ مِنْ الْفِطْرَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي أَمْرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ أَبُو يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَرَأَى فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا فَخَلَّى سَبِيلَهَا، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةُ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ إيَّاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ خُولِفَ إسْمَاعِيلُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرَوَوْهُ عَنْهُ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَافَقَ إسْمَاعِيلَ بْنَ زَكَرِيَّا عَنْهُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ الْقَاسِمِ بْنِ غُصْنٍ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غُصْنٍ سَمِعَ جَمِيلَ بْنَ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً‏.‏

وَفِيهِ مَا حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَرْوَزِيِّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّقَلِّيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرَ الْوَرَكَانِيُّ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ جَمِيلٍ كَذَا قَالَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَانْمَازَ عَنْهَا وَقَالَ أَرْخِي عَلَيْك ثِيَابَك فَخَلَّى سَبِيلَهَا‏.‏

وَأَمَّا مَنْ خَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ فَإِنَّ مِنْهُمْ عَبَّادَ بْنَ الْعَوَامّ ذَكَرَهُ عَنْ جَمِيلٍ قَالَ سَمِعْت كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ قَالَ سَمِعْت كَعْبَ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَرَأَى بِكَشْحِهَا لَطْخًا فَقَالَ ضَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَك وَالْحَقِي بِأَهْلِك‏.‏

وَمِنْهُمْ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ رَوَاهُ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَقَالَ الْبِسِي ثِيَابَك وَالْحَقِي بِأَهْلِك نَحْوَهُ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَمِيلٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ لَهَا بِالصَّدَاقِ‏.‏

وَمِنْهُمْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فَرَوَاهُ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَمِيلٍ الطَّائِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَوُصِفَتْ فَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ رَأَى مَا بِهَا وَكَانَ فِي كَشْحِهَا بَيَاضٌ وَكَرِهَهَا وَمَتَّعَهَا وَقَالَ الْحَقِي بِأَهْلِك فَأُلْحِقَتْ بِأَهْلِهَا وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصٍ فَرَوَاهُ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ كَمَا أَجَازَ لِي أَبُو يَزِيدَ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ غَسَّانَ الْغَلَّابِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْحِمَّانِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصٍ حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَدَخَلَ بِهَا فَوَجَدَ بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَقَالَ الْبَسِي ثَوْبَك وَأَعْطَاهَا الصَّدَاقَ وَقَالَ الْحَقِي بِأَهْلِك‏.‏

فَفِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الْحَقِي بِأَهْلِك فَالْكَلاَمُ فِي ذَلِكَ كَالْكَلاَمِ فِي قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْتَعِيذَةِ مِنْهُ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْحَقِي بِأَهْلِك‏.‏

وَفِي هَذَا الْبَابِ إعْطَاءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الصَّدَاقَ فَقَالَ قَائِلٌ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَتَّعَهَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا بِمُخَالِفٍ لِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حَفْصٍ هَذَا لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا كَالْمَدْخُولِ بِهَا لِخَلْوَتِهِ وَإِمْكَانِهَا إيَّاهُ نَفْسَهَا وَلأَنَّ تَرْكَهُ كَانَ لِمَسِيسِهَا بِاخْتِيَارِهِ ذَلِكَ لاَ لِمَا سِوَاهُ فَقَامَ ذَلِكَ مِنْهُ مَقَامَ الْمُمَاسَّةِ مِنْهُ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ‏.‏

ثُمَّ طَلَبْنَا الْوُقُوفَ عَلَى أَحْوَالِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصٍ هَذَا هَلْ هِيَ أَحْوَالٌ تُوجِبُ لَهُ قَبُولَ الزِّيَادَةِ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ رَوَاهُ فَقَصْرَ عَنْ ذِكْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ عليه السلام لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ بِالصَّدَاقِ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَفْصٍ هَذَا فَقَالَ هُوَ كُوفِيٌّ سَمِعَ مِنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَثَنَا عَنْهُ أَبُو غَسَّانَ وَذَكَرَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ رَاشِدٍ السَّكُونِيَّ قَالَ وَهُوَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ الإِمَامِ الَّذِي كَانَ عِنْدَنَا هَاهُنَا قَالَ وَكَانَ عَمُّهُ هَذَا أَحَدَ الثِّقَاتِ بِبَغْدَادَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ الْعِجْلِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَطَّارُ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ فَدَخَلَ بِهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْزِعَ ثِيَابَهَا فَأَبْصَرَ بَيَاضًا مِنْ بَرَصٍ عِنْدَ ثَدْيِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ خُذِي ثِيَابَك وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ وَأَكْمَلَ لَهَا الصَّدَاقَ فَوَقَفْنَا بِمَا ذَكَرْنَا عَلَى جَلاَلَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصٍ فِي الرِّوَايَةِ بِرِوَايَةِ الْوُجُوهِ عَنْهُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَمِنْ أَبِي غَسَّانَ وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَالِحٍ الْعِجْلِيّ وَمِنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ‏.‏

ثُمَّ طَلَبْنَا الْوُقُوفَ عَلَى كَعْبِ بْنِ زَيْدٍ أَوْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ أَوْ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ هَلْ لَهُ صُحْبَةٌ أَمْ لاَ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ فِي تَارِيخِهِ لَمَّا ذَكَرَ الْمُسَمَّيْنَ بِكَعْبٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِنْهُمْ كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو أَبَا الْيُسْرِ وَذَكَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ وَذَكَرَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَذَكَرَ كَعْبًا الأَشْعَرِيَّ وَذَكَرَ كَعْبَ بْنَ عِيَاضٍ ثُمَّ ذَكَرَ كَعْبًا الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ ثُمَّ قَالَ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ لَهُمْ صُحْبَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِعَقِبِ ذَلِكَ كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ وَيُقَالُ زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ كَعْبَ بْنَ مَاتِعٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الأَحْبَارُ وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى إدْخَالِهِ إيَّاهُ فِي الصَّحَابَةِ أَوْ عَلَى قُرْبِهِ مِنْهُمْ كَانَ عِنْدَهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الصَّدَاقِ لِمَنْ أَمْكَنَ مَسِيسُهُ فَطَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَاسَّ لاَ سِيَّمَا‏.‏

وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنْبَأَ سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ قَالاَ إذَا أَغَلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلاً وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَبِهِ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ وَغُلِّقَتْ الأَبْوَابُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ إذَا أَرْخَى السِّتْرَ فَقَدْ وَجَبَ لَهَا الصَّدَاقُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا ابْنُ مَعْبَدٍ ثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مِنْهَالٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ إذَا أُرْخِيَ السِّتْرُ وَأُغْلِقَ الْبَابُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ حَيَّانَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ إذَا أُغْلِقَ الْبَابُ وَأُرْخِيَ السِّتْرُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَنْبَأَ عَوْفٌ يَعْنِي الأَعْرَابِيَّ قَالَ سَمِعْت زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ فَفِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَإِدْخَالُ بَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ الْحَكَمِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ خَضْرَاءُ فَكَرِهَهَا فَلَمْ يَكْشِفْهَا كَمَا يَقُولُ وَاسْتَحْيَى أَنْ يَخْرُجَ مَكَانَهُ فَقَالَ عِنْدَهَا مُخَلِّيًا بِهَا ثُمَّ خَرَجَ فَطَلَّقَهَا وَقَالَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَمْ أَكْشِفْهَا وَهِيَ تَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَأَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ رَجُلٌ صَالِحٌ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ عَدْلٌ هَلْ عَلَيْهِ إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الآنَ حَمَلَتْ فَقَالَتْ هُوَ مِنْهُ أَكُنْت مُقِيمًا عَلَيْهَا الْحَدَّ‏؟‏ فَقَالَ مَرْوَانُ لاَ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بَلْ لَهَا صَدَاقُهَا كَامِلاً‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو يَزِيدَ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الرَّجُلِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ فَيَقُولُ لَمْ أَقْرَبْهَا وَتَقُولُ قَدْ قَرِبَنِي قَالَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا فَهَذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَدْ كَانَ مَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ إنَّمَا ذَلِكَ كَانَ لِدَعْوَى الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ مَعَ الْخَلْوَةِ مَا ادَّعَتْ مِنْ قُرْبِ زَوْجِهَا إيَّاهَا‏.‏

قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ مَا ذَكَرَتْ كَمَا وَصَفْتَ لَمَا كَانَتْ دَعْوَاهَا مَقْبُولَةً لِمَا يُوجِبُ لَهَا مَعْنًى لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ نَفْيِ مَنْ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ إيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ إِلاَّ بِحُجَّةٍ تُوجِبُ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مَسْئُولَةً عَنْ ذَلِكَ حُجَّةً كَانَ إرْخَاءُ السُّتُورِ وَإِغْلاَقُ الأَبْوَابِ وَإِمْكَانُهَا زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا بِحَيْثُ لاَ مَانِعَ لَهُ مِنْهَا يُوجِبُ لَهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ بِهِ فِي حُكْمِ الْمُمَاسِّ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا فَقَدْ تَوَاتَرَتْ أَقْوَالُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ وَاتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّ الإِمْكَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا يَكُونُ بِهِ الَّذِي مَكَّنَ مِنْهُ كَالْمُمَاسِّ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلاَ نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُمْ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ بَلَى قَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إذَا نَكَحَ الرَّجُلُ فَفَوَّضَ إلَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ الْمَتَاعُ قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا عِنْدَنَا لِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ فِي الْخَلْوَةِ وَالْمَكَانِ عَنْ مَنْ رَوَيْنَاهُمَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالتَّفْوِيضُ عِنْدَنَا الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ التَّفْوِيضُ إلَى الزَّوْجِ فِي تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ لِمَنْ يُزَوِّجُهُ عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ فَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُطَلِّقُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ الْمُتْعَةُ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَنَا عَلَى تَفْوِيضٍ مَعَهُ خَلْوَةٌ وَلاَ إمْكَانَ لَهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلاً لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَكَانَ مَعْقُولاً بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ وَلَمْ يُمَاسَّ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِهَذِهِ الآيَةِ هُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ لاَ كُلُّهُ قِيلَ لَهُ‏:‏ إنَّ الَّذِينَ قَالُوا فِي هَذَا بِوُجُوبِ الصَّدَاقِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ هُمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَلَحِقَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُوَ كَاتِبُ الْوَحْيِ وَالْمُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَهُمْ يَعْرِفُونَ تَأْوِيلَهُ‏.‏

وَكَانَ بِمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ يَسْتَعْلِمُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيُعْلِمُهُمْ بِمُرَادِ اللهِ تَعَالَى بِهِ وَفِي خِلاَفِهِمْ تَجْهِيلٌ لَهُمْ وَالْخُرُوجُ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ إلَى مَا سِوَاهَا مِمَّا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي اللُّغَةِ مَا قَدْ أَبَاحَ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ مَنْ أَمْكَنَهُ الْمَسِيسُ وَلَمْ يُمَاسَّ بِاسْمِ الْمَسِيسِ كَمَا سُمِّيَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عليهما السلام إمَّا إسْمَاعِيلُ وَإِمَّا إِسْحَاقُ ذَبِيحًا لاَ لأَنَّهُ ذُبِحَ وَلَكِنْ لَمَّا أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ وَأَمْكَنَ أَبُوهُ ذَلِكَ مِنْهُ بِأَنْ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ سُمِّيَ بِذَلِكَ ذَبِيحًا وَإِنْ لَمْ يُذْبَحْ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ إمْكَانِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا زَوْجَهَا مِنْ جِمَاعِهِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَائِلٌ وَلاَ لَهُ مِنْهُ مَانِعٌ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مُمَاسٍّ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَاسًّا لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَتَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُطَلِّقِ بَعْدَ الْمَسِيسِ لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُطَلِّقِ قَبْلَهُ‏.‏

وَقَدْ وَجَدْنَا مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَخْلُفُوا فِي مَنْ بَاعَ شَيْئًا لَهُ بِثَمَنِ حَبْسِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ الثَّمَنَ فَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَحِقَهُ هَلاَكٌ أَنَّهُ يَكُونَ هَالِكًا مِنْ مَالِهِ لاَ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ وَفِي ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ دَلِيلٌ مَعَ تَعَلُّقِ أَكْثَرِ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ بِهَذَا مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مُتَّبِعِيهِ وَمَالِكٌ فِي مُتَّبِعِينَ مِنْ مُتَّبِعِيهِ وَاللَّيْثُ فِي مُتَّبِعِيهِ وَالأَوْزَاعِيُّ فِي مُتَّبِعِيهِ وَالثَّوْرِيُّ فِي مُتَّبِعِيهِ أَيْضًا‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقَالَتْ فُلاَنَةُ لاَ تَنَامُ فَذُكِرَ مِنْ صَلاَتِهَا فَقَالَ مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ فَوَاَللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إلَى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّي وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إلَى اللهِ تَعَالَى مَا دَامَ مِنْهَا وَإِنْ قَلَّ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ السَّكْسَكِيُّ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا قَالَ وَكَانَ أَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا دَاوَمَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَلَّتْ وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا قَالَ وَيَقُولُ أَبُو سَلَمَةَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ‏{‏الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ‏}‏‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ إضَافَةُ الْمَلَلِ إلَى اللهِ تَعَالَى فِي حَالٍ مَا وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْ اللهِ وَلَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَلَلَ مُنْتَفٍ عَنْ اللهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَ وَلَيْسَ مِمَّا تَوَهَّمَهُ مِمَّا حَمَلَ عَلَيْهِ تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَوَهَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي اللُّغَةِ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَمَلُّ اللَّهُ إذَا مَلِلْتُمْ إذْ كَانَ الْمَلَلُ مَوْهُومًا مِنْكُمْ وَغَيْرُ مَوْهُومٍ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْكَلاَمِ الْجَارِي عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ عِنْدَ وَصْفِهِمْ مَنْ يَصِفُونَهُ بِالْقُوَّةِ عَلَى الْكَلاَمِ وَالْبَلاَغَةِ مِنْهُ وَالْبَرَاعَةِ بِهِ لاَ يَنْقَطِعُ فُلاَنٌ عَنْ خُصُومَةِ خَصْمِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ خَصْمُهُ لَيْسَ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ بَعْدَ انْقِطَاعِ خَصْمِهِ لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يُرِيدُونَ ذَلِكَ لَمْ يُثْبِتُوا لِلَّذِي وَصَفُوهُ فَضِيلَةً إذْ كَانَ يَنْقَطِعُ بِعَقِبِ انْقِطَاعِ خَصْمِهِ كَمَا انْقَطَعَ خَصْمُهُ وَلَكِنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنَّهُ لاَ يَنْقَطِعُ بَعْدَ انْقِطَاعِ خَصْمِهِ كَمَا انْقَطَعَ خَصْمُهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ يَكُونَ مِنْ الْقُوَّةِ وَالاِضْطِلاَعِ بِخُصُومَتِهِ بَعْدَ انْقِطَاعِ خَصْمِهِ عَنْهَا كَمِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْهَا قَبْلَ انْقِطَاعِ خَصْمِهِ عَنْهَا فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا أَيْ إنَّكُمْ قَدْ تَمَلُّونَ فَتَنْقَطِعُونَ وَاَللَّهُ بَعْدَ مَلَلِكُمْ وَانْقِطَاعِكُمْ عَلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ انْتِفَاءِ الْمَلَلِ وَالاِنْقِطَاعِ عَنْهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتِيلَةِ ابْنَةِ قَيْسٍ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَعْدَ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى حَدَّثَنَا دَاوُد ابْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ بِنْتَ الأَشْعَثِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِهِ وَإِنَّمَا هِيَ أُخْتُ الأَشْعَثِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْجُبَهَا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا وَقَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِهَا الَّذِي بِهِ بَرَّأَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْهَا زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا كَمَا قَدْ أَجَازَ لَنَا هَارُونُ الْعَسْقَلاَنِيُّ مِمَّا ذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْمُفَضَّلَ الْغَلَّابِيَّ حَدَّثَهُ بِهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبَّادٍ وَهُوَ ابْنُ الْعَوَّامِ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ فَارْتَدَّتْ مَعَ قَوْمِهَا وَلَمْ يُخَيِّرْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَحْجُبْهَا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهَا قَالَ عَبَّادٌ يَعْنِي لَمْ يَحْجُبْهَا لَمْ يَكُنْ ضَرَبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ وَلَمْ يُخَيِّرْهَا كَمَا خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الأَوَّلِ وَفِيهِ ارْتِدَادُ قُتَيْلَةَ هَذِهِ مَعَ قَوْمِهَا عَنْ الإِسْلاَمِ وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ خَيَّرَهَا يَعْنِي بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ كَمَا خَيَّرَ سَائِرَ نِسَائِهِ سِوَاهَا فَتَخْتَارُ الدُّنْيَا فَيُفَارِقُهَا أَوْ الآخِرَةَ فَيُمْسِكُهَا وَتَكُونُ بِذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِهِ فِيهَا وَأَنَّ الْبَرَاءَةَ الَّتِي كَانَتْ لَحِقَتْهَا بِارْتِدَادِهَا وَبِتَقْصِيرِ الْحِجَابِ وَالتَّخَيُّرِ عَنْهَا‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِهَا أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَمَاتَ عَنْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحْجُبَهَا وَلَمْ يَقْسِمْ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَارْتَدَّتْ مَعَ أَخِيهَا عَنْ الإِسْلاَمِ وَبَرِئَتْ مِنْ اللهِ تَعَالَى وَمِنْ رَسُولِهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تَرَكَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ عِكْرِمَةَ لَمَّا تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لأَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّاتِي كُنَّ حُرِّمْنَ عَلَى النَّاسِ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ الآيَةَ وَأَنَّ عُمَرَ أَخْرَجَهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرِدَّتِهَا الَّتِي كَانَتْ مِنْهَا إذْ كَانَ لاَ يَصْلُحُ لَهَا مَعَهَا أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ حُرِّمَ عَلَى أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ ثنا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ لاِمْرَأَتِهِ إنْ أَرَدْتِ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ فَلاَ تَزَوَّجِي بَعْدِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا وَلِذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ‏.‏

وَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْمَوْتِ إنَّك خَطَبْتَنِي إلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا فَأَنْكَحَاكَ وَإِنِّي أَخْطُبُك إلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ قَالَ فَلاَ تَنْكِحِي بَعْدِي فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ فَأَخْبَرَتْهُ بِاَلَّذِي كَانَ فَقَالَ عَلَيْك بِالصِّيَامِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ مَنَعَ قُتَيْلَةَ هَذِهِ مِنْ التَّزْوِيجِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام بِمَا أَخْرَجَهَا بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ‏.‏

كَمَا قَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كِنْدَةَ فَلَمْ يَجْمَعْهَا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ عليه السلام فَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَهُمَا وَضَرَبَ زَوْجَهَا فَقَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ فِي يَا عُمَرُ إنْ كُنْتُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَاضْرِبْ عَلَيَّ الْحِجَابَ وَأَعْطِنِي مِثْلَ مَا تُعْطِيهِنَّ قَالَ أَمَّا هُنَاكَ فَلاَ قَالَتْ فَدَعْنِي أَنْكِحُ قَالَ لاَ وَلاَ نِعْمَةَ وَلاَ أُطْمِعُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ مَنَعَهَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِ النَّبِيِّ عليه السلام وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ أَخْرَجَهَا بِهِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ ارْتِدَادُهَا عَنْ الإِسْلاَمِ لاَ مَا سِوَاهُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا وَالتَّخَيُّرِ لَهَا لأَنَّ ارْتِدَادَهَا كَانَ عَنْ الإِسْلاَمِ مِنْ فِعْلِهَا‏,‏ وَالتَّخَيُّرُ لَهَا وَالدُّخُولُ بِهَا لَمْ يَكُونَا مِنْ فِعْلِهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَهَا بِفِعْلِهَا لاَ بِمَا سِوَاهُ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي أَمْرِ عِكْرِمَةَ إِلاَّ فِي الْقَتْلِ خَاصَّةً لاَ فِيمَا سِوَاهُ لأَنَّهُ عَدَّ ذَلِكَ شُبْهَةً دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَعَذَرَهُ بِهَا وَدَفَعَ عَنْهُ الْقَتْلَ مِنْ أَجْلِهَا لاَ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُقِرَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ عِنْدَهُ وَتَكُونَ زَوْجَةً لَهُ وَلِذَلِكَ وَجْهٌ مِنْ الْعِلْمِ جَلِيلٌ وَهُوَ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ قَدْ كَانَتْ قَبْلَ ارْتِدَادِهَا عَنْ الإِسْلاَمِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام مُسْتَحِقَّةً لِلأَسْبَابِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا أَزْوَاجُهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى أَخْرَجَتْ نَفْسَهَا مِنْ ذَلِكَ بِرِدَّتِهَا عَنْ الإِسْلاَمِ إلَى مَا سِوَاهُ فَبَطَلَتْ بِذَلِكَ حُقُوقُهَا فِيمَا حَاجَّتْ بِهِ عُمَرَ وَلَمْ تَبْطُلُ عَنْهَا الْحُقُوقُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا مِنْ تَرْكِ التَّزْوِيجِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ عليه السلام بَعْدَهُ كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تَنْشُزُ مِنْ زَوْجِهَا فَتَبْطُلُ حُقُوقُهَا مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا بِالتَّزْوِيجِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَكَذَلِكَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ قَدْ كَانَ لَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَزْوِيجِهِ إيَّاهَا حُقُوقٌ وَكَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا بِهِ حُقُوقٌ فَلَمَّا كَانَتْ مِنْهَا الرِّدَّةُ بَطَلَتْ عَنْهُ بِهَا حُقُوقُهَا عَلَيْهِ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ حَجْبِهَا عَنْ النَّاسِ وَالإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَبَقِيَتْ حُقُوقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ وَمِنْهَا أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى النَّاسِ سِوَاهُ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا النَّاشِزَ إذَا رَجَعَتْ عَنْ نُشُوزِهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ رَجَعَتْ إلَى حُقُوقِهَا قِبَلَ زَوْجِهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا عَلَيْهِ وَالْكِنْدِيَّةُ الَّتِي قَدْ ذُكِرَتْ قَدْ رَجَعَتْ إلَى الإِسْلاَمِ لأَنَّ عِكْرِمَةَ قَدْ كَانَ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَتْ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الإِسْلاَمِ لَمَا طَلَبَ تَزَوُّجَهَا لأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لاَ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ فَلِمَ لاَ رَجَعَتْ إلَى اسْتِحْقَاقِهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ عليه السلام مِنْ حَجْبِهِنَّ وَالإِنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ النَّاشِزَ إذَا عَادَتْ غَيْرَ نَاشِزٍ اسْتَحَقَّتْ عَلَى زَوْجِهَا مَا ذَكَرَتْ وَلَمْ تَكُنْ الْكِنْدِيَّةُ كَذَلِكَ لأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْهَا الاِرْتِدَادُ عَنْ الإِسْلاَمِ كَانَتْ فِي حَالِهَا تِلْكَ مِمَّنْ قَدْ مَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى دُخُولَ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَصْلُحْ لَهَا مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا وَحُقُوقُ الآُمُومَةِ لاَ تَرْجِعُ بَعْدَ زَوَالِهَا وَإِذَا لَمْ تَرْجِعْ بَعْدَ زَوَالِهَا لَمْ تَرْجِعْ الْكِنْدِيَّةُ الَّتِي ذُكِرَتْ إلَى أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا وَإِذَا لَمْ تَرْجِعْ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أُمًّا لَمْ تَسْتَحِقَّ فِي أَمْوَالِهِمْ نَفَقَةً كَمَا يَسْتَحِقُّ مِثْلَهَا سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأُمُومَتِهِنَّ إيَّاهُمْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ عَتَاقَ وَلاَ طَلاَقَ فِي إغْلاَقٍ

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ أَبُو هَمَّامٍ ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ بَعَثَنِي عَدِيُّ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ إلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ أَشْيَاءَ كَانَتْ تَرْوِيهَا، عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ عَتَاقَ وَلاَ طَلاَقَ فِي إغْلاَقٍ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الْكَلاَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الْمَكِّيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ أَرَدْنَا بِذَلِكَ الزِّيَادَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي نَسَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَّهُ ابْنُ أَبِي صَالِحٍ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْمَعْ لَهُ ذِكْرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ‏؟‏ فَكَانَ أَحْسَنَ مَا حَضَرْنَا فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الإِغْلاَقَ هُوَ الإِطْبَاقُ عَلَى الشَّيْءِ فَاحْتَمَلَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُرِيدَ بِهِ الإِجْبَارُ الَّذِي يُغْلَقَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَعَلَى الْمُطَلِّقِ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ الْعَتَاقُ وَالطَّلاَقُ عَلَى غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ لَهُمَا وَلاَ يَكُونُ فِي الْعَتَاقِ مُثَابًا كَمَا يُثَابُ سَائِرُ الْمُعْتِقِينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بِعَتَاقِهِمْ اللَّهَ عَلَى عَتَاقِهِمْ وَكَالْمُطَلَّقِينَ الَّذِينَ تَلْحَقُهُمْ الذُّنُوبُ فِي طَلاَقِهِمْ الَّذِينَ يَضَعُونَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَاَلَّذِينَ يُوقِعُونَ مِنْ عَدَدِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أُبِيحَ لَهُمْ أَنْ يُوقِعُوهُ مِنْهُ وَمَوْضِعُهُ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَضَعُوهُ فِيهِ هُوَ الطُّهْرُ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْعَدَدُ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ هُوَ الْوَاحِدَةُ لاَ مَا فَوْقَهَا‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَإِلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبْتُمْ فِي إلْزَامِ طَلاَقِ الْمُكْرَهِ وَإِلَى أَيِّ حَدِيثٍ قَصَدْتُمْ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ ذَهَبْنَا إلَى حَدِيثٍ هُوَ أَحْسَنُ فِي الإِسْنَادِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَعْرَفُ رِجَالاً وَأَكْشَفُ مَعْنًى وَهُوَ‏.‏

مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَمِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ فَقَالُوا إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر عَنْ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ وَنَحْنُ نُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَهُ نَحْوَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الإِكْرَاهِ تَلْزَمُ كَمَا تَلْزَمُ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ طَلاَقَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ وَلاَ عَتَاقَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مِلْكٍ

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مِقْلاَصٍ الْخُزَاعِيُّ أَبُو حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْجَارِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو شَاكِرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ عُمُومَةٍ لِي مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَمِنْ خَالِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَفِظْتُ لَكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتًّا لاَ طَلاَقَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ وَلاَ عَتَاقَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مِلْكٍ وَلاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ وَلاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلاَ صَمْتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ وَلاَ وِصَالَ فِي الصِّيَامِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ طَلاَقَ لاِمْرِئٍ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ عَتَاقَ لاِمْرِئٍ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لاَ طَلاَقَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ عَتَاقَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ بَيْعَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ طَلاَقَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ وَلاَ عَتَاقَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مِلْكٍ وَقَوْلَهُ لاَ طَلاَقَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ عَتَاقَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ لِنَقِفَ عَلَى مَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا أَبَا قُرَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ لاِبْنِ شِهَابٍ وَهُوَ يُذَاكِرُهُ هَذَا النَّحْوَ مِنْ طَلاَقِ مَنْ لَمْ يَنْكِحْ وَعِتْقِ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ أَلَمْ يَبْلُغْكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ طَلاَقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلاَ عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ بَلَى قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ أَنْزَلْتُمُوهُ عَلَى خِلاَفِ مَا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هُوَ أَنْ يَذْكُرَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ الْمَرْأَةَ فَيُقَالُ لَهُ تَزَوَّجْهَا فَيَقُولُ هِيَ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَأَمَّا مَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّمَا طَلَّقَهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا أَوْ قَالَ هِيَ حُرَّةٌ إنْ اشْتَرَيْتُهَا فَإِنَّمَا أَعْتَقَهَا حِينَ اشْتَرَاهَا‏.‏

وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ لاَ طَلاَقَ إِلاَّ بَعْدَ نِكَاحٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَإِنَّمَا تَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ الرَّجُلَ يُقَالُ لَهُ نُزَوِّجُك فُلاَنَةَ فَيَقُولُ هِيَ طَالِقٌ فَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ طَالِقٌ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ فَكَانَ مَا حَكَاهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ ذَلِكَ هُوَ عَلَى قَوْلِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَةٍ لاَ نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لاَ عَلَى قَوْلِهِ لَهَا إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَيُلْزِمُهُ بَعْضُهُمْ فِيهِ الطَّلاَقَ إنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ وَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ وَلاَ يُلْزِمُ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ طَلاَقًا مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَيَجْعَلُهُ فِي حُكْمِ طَلاَقِهِ كَمَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا يُرْوَى عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَوْمَ أَنْكِحُ فُلاَنَةَ أَوْ إنْ نَكَحْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إنْ نَكَحْتَهَا فَلاَ تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَهُ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعَ الإِسْنَادِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِعُمَرَ فَطَلَبْنَاهُ هَلْ نَجِدُهُ عَنْهُ مَوْصُولاً فَوَجَدْنَا رَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَدَّثَهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَوْمَ أَنْكِحُ فُلاَنَةَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءً‏.‏

ثُمَّ طَلَبْنَا مَا يَدُلُّنَا عَلَى لِقَاءِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالْهَاجِرَةِ يُرِيدُ أَرْضًا لَهُ بِالْجُرْفِ قَالَ فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى لَحِقْتُهُ قَالَ فَتَمَاشَيْنَا فَلَقِيَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَحْمِلُ عِيدَانًا مِنْ عِنَبٍ فَقَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ مَا بَقِيَ مِنْ شَدِّكَ فَأَلْقَى الَّذِي كَانَ يَحْمِلُ ثُمَّ اشْتَدَّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إنِّي لاََرَاهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ شَدِّكَ ثُمَّ انْطَلَقَ وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا حِمَارًا لِعُمَرَ يَحْمِلُ بَقْلاً يَسُوقُهُ غُلاَمٌ لَهُ فَقَالَ لِغُلاَمِهِ أَعَجِلَ عَلَيَّ بِالْحِمَارِ فَجَاءَ بِهِ لاَ رَسَنَ عَلَيْهِ وَلاَ حِلْسَ فَأَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ رِدَائِي تَحْتَهُ قَالَ نَحِّ عَنِّي رِدَاءَكَ فَرَكِبَهُ بِغَيْرِ رَسَنٍ وَلاَ حِلْسٍ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ مِمَّنْ قَدْ صَحِبَ عُمَرَ‏.‏

ثُمَّ طَلَبْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ عُمَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِقًا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِيهِ‏.‏

فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ يَعْنِي الأَسَدَيَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ ابْتَلَى بِذَلِكَ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ طَالِقٌ يَعْنِي فَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ فَاخْطُبْهَا إلَى نَفْسِهَا‏.‏

وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الأَسَدِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ فَكَانَ مَا رَوَيْنَا فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَا قَدْ وَافَقَ قَوْلَ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إلَى إلْزَامِ هَذَا الْقَوْلِ قَائِلَهُ‏.‏

ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خِلاَفَهُمَا فِي ذَلِكَ‏.‏

فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَذَكَرَ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ شَيْئًا‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيِّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ثنا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ ذُكِرَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا أَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ هَذَا وَلَئِنْ كَانَ قَالَهَا فَرُبَّ زَلَّةٍ مِنْ عَالِمٍ‏,‏ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ‏}‏ وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَمُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ كَاخْتِلاَفِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ وَاخْتِلاَفِ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا تُوجِبُهُ شَوَاهِدُ الآُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ يَقُولُ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدُهُ مَمْلُوكَتِي هَذِهِ فَهُوَ حُرٌّ فَتَحْمِلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَوْلاَدٍ ثُمَّ تَلِدُهُمْ أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْقَوْلَ الَّذِي عَتَقُوا بِهِ عَلَيْهِ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا خُلِقُوا يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُرَاعُوا فِي ذَلِكَ وَقْتَ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ وَرَاعَوْا وَقْتَ وُقُوعِهِ فَجَعَلُوهُ مُكْفِيًا وَكَانَ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ أَلاَ يُرَاعَى الْوَقْتُ الَّذِي قَالَ فِيهِ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فُلاَنَةُ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُهَا أَوْ فُلاَنَةُ حُرَّةٌ إنْ مَلَكْتُهَا وَيُرَاعَى وَقْتُ وُقُوعِ طَلاَقِهِ وَوَقْتُ وُقُوعِ عَتَاقِهِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ إنَّمَا اخْتَلَفَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ لِمِلْكِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ الأَمَةَ الَّتِي قَالَهُ لَهَا فِي وَقْتِ قَوْلِهِ إيَّاهُ لَهَا‏.‏

قِيلَ لَهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي مِلْكِهِ كَانَ لَهَا يَوْمَئِذٍ وَلاَ فِي انْتِفَاءِ مِلْكِهِ عَمَّا أَوْقَعَ عَتَاقَهُ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا‏.‏

وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَوَابِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا قَالَ لَهُ إنِّي مَلَكْتُ مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ بِهَا إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ ثنا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ مَلَكَ مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ فَاسْتَجْمَعَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أَصَبْتُ مَا لَمْ أُصِبْ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ لَهُ احْبِسْ الأَصْلَ وَسَبِّلْ الثَّمَرَةَ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ النَّسَائِيّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً فَكَانَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ جَوَابٌ لِمَسْأَلَتِهِ إيَّاهُ بِتَحْبِيسِ أَصْلِ سِهَامِهِ هَذِهِ وَتَسْبِيلِ ثَمَرَتِهَا الْحَادِثَةِ فِيهَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْعُقُودِ فِي الأَشْيَاءِ الْحَوَادِثِ عَنْهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَاقَدُوهَا فِي وَقْتِ عَقْدِهِمْ مَا عَقَدُوا فِيهَا مَالِكِينَ لَهَا فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَعْقِدُهُ الرَّجُلُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ مِنْ مَمَالِيكَ مِنْ عَتَاقٍ وَعَلَى مَا يَتَزَوَّجُهُ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ طَلاَقٍ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا يَحْدُثُ عَنِ الأَشْيَاءِ الْمُسَبَّلَةِ فَيَجْرِي ذَلِكَ الْعَتَاقُ وَذَلِكَ الطَّلاَقُ فِيمَا عَقَدَا عَلَيْهِ كَمَا جَرَتْ الْوُجُوهُ الَّتِي عُقِدَتْ عَلَى الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ التَّسْبِيلِ فِي الأَشْيَاءِ الْمُسَبَّلَةِ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى إجَازَتِهِ فِي الْوَكَالاَتِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ فِي ظِهَارٍ أَوْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ فَيُوَكِّلُ رَجُلاً بِابْتِيَاعِهَا وَعَتَاقِهَا عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ عَنْهُ مِنْ الرَّقَبَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ مِنْهُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا فَلَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَرُوعِيَ وَقْتُ وُقُوعِ عَتَاقِهِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُرَاعَ تَوْكِيلُهُ بِذَلِكَ قَبْلَ مِلْكِهِ إيَّاهَا‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْوَصَايَا فَجَوَّزُوا لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَصِّيَ بِثُلُثِ مَالِهِ فِيمَا يُوَصِّيَ بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَامِلاً فِيمَا كَانَ مَالِكًا لَهُ يَوْمَ أَوْصَى مِمَّا يَبْقَى فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَفِيمَا يُفِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَمُوتَ مِمَّا يَبْقَى فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَلَمْ يُرَاعَ فِي ذَلِكَ مِلْكُهُ يَوْمَ أَوْصَى فَيُجَوِّزَ فِيهِ وَصَايَاهُ وَلاَ عَدَمُهُ فَيَبْطُلَ بِهِ وَصَايَاهُ وَرُوعِيَ بَقَاءُ مِلْكِهِ حِينَ يَمُوتُ عَلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي يَمُوتُ عَنْهَا وَهُوَ مَالِكٌ لَهَا فَأُعْلِمَتْ وَصَايَاهُ فِيهَا حِينَئِذٍ لِوُقُوعِهَا فِيمَا كَانَ مِلْكًا لَهُ يَوْمَ وَجَبَتْ فَمِثْلُ ذَلِكَ عُقُودُ الأَيْمَانِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ الْعَتَاقِ وَمِنْ الطَّلاَقِ لاَ يُرَاعَى مِلْكُ عَاقِدِيهَا لَهَا يَوْمَ عَقَدُوا تِلْكَ الأَيْمَانَ عَلَيْهَا وَيُرَاعَى مِلْكُهُمْ لَهَا عِنْدَ وُقُوعِهَا عَلَيْهَا‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْبَابَ أَيْضًا فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ لاَ نَذْرَ لاِبْنِ آدَمَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ لاَ طَلاَقَ إِلاَّ بَعْدَ نِكَاحٍ ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ إلَى قَوْلِهِ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ فَكَانَ مَا كَانَ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِمْ لَئِنْ آتَانَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ مِمَّا قَدْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ إذَا آتَاهُمْ مَا وَعَدُوهُ أَنْ يَفْعَلُوهُ فِيهِ إذَا آتَاهُمْ إيَّاهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِخِلاَفِ قَوْلِهِمْ فِيمَا لاَ يَمْلِكُونَ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ طَالِقٌ يَكُونُ خِلاَفَ حُكْمِهِ إذَا قَالَ هِيَ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ إذَا تَزَوَّجْتُهَا فَيَلْزَمُهُ مَا قَالَ فِيهَا إذَا قَالَ إذَا تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَلاَ يَلْزَمُهُ قَوْلُهُ لَهَا هِيَ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ إذَا تَزَوَّجْتُهَا‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ اسْتَلْجَجَ بِيَمِينٍ عَلَى أَهْلِهِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ اسْتَلْجَجَ بِيَمِينٍ عَلَى أَهْلِهِ فَهُوَ أَعْظَمُ إثْمًا يَعْنِي الْكَفَّارَةَ فَتَأَمَّلْنَا الْمُرَادَ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا مَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَلَّا يَقْرَبَهَا مَانِعًا لَهَا مِنْ حَقٍّ لَهَا عَلَيْهِ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِ بِذَلِكَ عَلَيْهَا الْفَيْءَ إلَيْهَا‏,‏ وَالرُّجُوعَ عَنْ يَمِينِهِ عَلَيْهَا بِمَنْعِهَا حَقَّهَا عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ ‏{‏سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏ فَذَكَرَ فِي الْفَيْءِ الرَّحْمَةَ وَالْغُفْرَانَ لِرُجُوعِ الْفَائِيِّ عَنْ مَنْعِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَزْمِهِ عَلَى الطَّلاَقِ لأَنَّهُ فِي عَزْمِهِ عَلَى الطَّلاَقِ مُتَمَادٍ فِي اسْتِلْجَاجِهِ فِي مَنْعِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ‏.‏

وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ فِي مَعْصِيَةٍ سِوَى ذَلِكَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ قَطِيعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ فَحَنِثَ فَذَلِكَ كَفَّارَةٌ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْ لأَنَّ حِنْثَهُ فِيهَا رُجُوعٌ عَمَّا كَانَ حَلَفَ بِهَا عَلَيْهِ فَرُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى أَهْلِهِ يَمْنَعُهَا حَقَّهَا الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ عَاصٍ لِرَبِّهِ تَعَالَى وَكَفَّارَتُهُ مِنْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ رُجُوعُهُ عَنْهَا‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ رُجُوعُهُ وَلاَ فَيْئُهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْخِطَابَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ خِطَابٌ عَرَبِيٌّ خَاطَبَ بِهِ قَوْمًا عُرْبًا فَكَانَ فِيمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ فَهِمُوا بِهِ عَنْهُ مُرَادَهُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ كَشْفِهِ إيَّاهُ لَهُمْ بِلِسَانِهِ كَمِثْلِ مَا قَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ وَاكْتَفَى بِذَلِكَ عَمَّا كَانَ يَكُونُ لَوْلاَ فَضْلُهُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ إيَّاهُمْ وَكَمِثْلِ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ لِمَا كَانَ يَكُونُ لَوْ كَانَ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِفَهْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ لِ مَا قَدْ أَرَادَ أَنْ يَفْهَمُوهُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْخِطَابِ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ اسْتَلْجَجَ بِيَمِينٍ عَلَى أَهْلِهِ فَهُوَ أَعْظَمُ إثْمًا أَيْ مِمَّنْ سِوَاهُ مِنْ الْحَالِفِينَ بِغَيْرِ تِلْكَ الْيَمِينِ فَاكْتَفَى عليه السلام بِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ قَدْ فَهِمُوا ذَلِكَ عَنْهُ بِزِيَادَةِ أَلْفَاظٍ فِيهَا كَشْفُ مَا أَرَادَهُ مِنْهُمْ مِمَّا خَاطَبَهُمْ مِنْ أَجْلِهِ بِمَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْبِيرِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِأَمْرِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي عَبَّرَهَا وَمِنْ قَوْلِهِ لَهُ فِي عِبَارَتِهِ إيَّاهَا‏:‏ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا بِأَيْدِيهِمْ فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلاً مِنْ السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ فَأَرَاك أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِك فَعَلاَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ إنَّهُ وُصِلَ لَهُ فَعَلاَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ لَتَدَعَنِّي فَلاََعْبُرَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اُعْبُرْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإِسْلاَمِ وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنْ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَحَلاَوَتُهُ وَلِينُهُ وَأَمَّا مَا يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ فَأَخَذْتَ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَصَبْتُ أَوْ أَخْطَأْتُ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ فَوَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَتُخْبِرَنِّي بِاَلَّذِي أَخْطَأْتُ قَالَ لاَ تُقْسِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّحَّانُ الْمَوْقِفِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ الْكَلاَعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الأَبْرَشُ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ أَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَالْقُرْآنُ وَحَلاَوَتُهُ وَلِينُهُ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي شَيْءٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْسَمْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَصَبْتُ أَوْ أَخْطَأْتُ‏؟‏ قَالَ أَصَبْتَ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى ذَلِكَ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تُقْسِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ بَحْرٍ سَوَاءً إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ وَأَمَّا مَا يَنْطِفُ مِنْ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَهُوَ الْقُرْآنُ حَلاَوَتُهُ وَلِينُهُ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْخَطَإِ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ فِيهَا فَوَجَدْنَا فِيهَا أَنَّهُ جَعَلَ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهَا شَيْئًا وَاحِدًا وَهُوَ الْقُرْآنُ ثُمَّ وَصَفَهُ بِالْحَلاَوَةِ وَاللِّينِ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْعِبَارَةِ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهُمَا شَيْئَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَاحِبِهِ مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ‏,‏ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَدَّهُمَا إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْقُرْآنُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَعَلَ مِنْ صِفَتِهِمَا اللِّينَ وَالْحَلاَوَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَا صِفَةً لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ مِنْ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

مَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الأَزْدِيُّ الْجِيزِيُّ ثنا أَبُو الأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُرَادِيُّ أَنْبَأَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي إحْدَى أُصْبُعَيْهِ عَسَلاً وَفِي الآُخْرَى سَمْنًا وَكَأَنَّهُ يَلْعَقُهُمَا فَأَصْبَحَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ تَقْرَأُ الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاةَ وَالْفُرْقَانَ قَالَ فَكَانَ يَقْرَؤُهُمَا فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عِبَارَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُؤْيَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةَ فِيهِ فِي السَّمْنِ وَالْعَسَلِ أَنَّهُمَا لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَكَانَتْ عِبَارَةُ أَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الظُّلَّةِ أَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ فَكَانَ الْخَطَأُ الَّذِي فِي ذِكْرِ الْعِبَارَةِ عِنْدَهُمْ هُوَ هَذَا وَكَانَ الصَّوَابُ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِبَارَتِهِ رُؤْيَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الظُّلَّةِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ لأَبِي بَكْرٍ فِيهِ لاَ تُقْسِمْ هَلْ هُوَ لِكَرَاهِيَةِ الْقَسَمِ أَمْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ

قَدْ رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا عَبَّرَ الرُّؤْيَا الَّتِي عَبَّرَهَا فِيهِ أَصَبْتُ أَوْ أَخْطَأْتُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ عليه السلام لَهُ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا وَقَوْلُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ لَمَا أَخْبَرْتَنِي مَا أَصَبْتُ مِمَّا أَخْطَأْتُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ لاَ تُقْسِمْ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَرَاهِيَتِهِ لِلْقَسَمِ أَوْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ فَطَلَبْنَا الْحَقِيقَةَ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ الْقَسَمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ فَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ‏}‏ فِي مَعْنَى أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وَكَانَتْ لاَ فِيهِمَا صِلَةً وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي مَعْنَى أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَكَانَتْ ‏"‏ لاَ ‏"‏ فِي ذَلِكَ صِلَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏إذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلاَ يَسْتَثْنُونَ‏}‏ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى قَسَمِهِمْ أَنْ يَصْرِمُوهَا مُصْبِحِينَ وَكَانَ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ يَصِلُوهُ بِالرَّدِّ إلَى مَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ قَسَمَهُمْ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ تَرْكَهُمْ تَعْلِيقَ ذَلِكَ إلَى مَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ‏.‏

ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَانَتْ فِي ذَلِكَ‏.‏

فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاهِبِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَنْزِلِهِ سَمِعَهُ يَتَكَلَّمُ فِي الدَّاخِلِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فَلَمْ يَرَ أَحَدًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُ تَكَلُّمًا عِنْدَكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ دَخَلْتُ الدَّاخِلَ اغْتِمَامًا بِكَلاَمِ النَّاسِ مِمَّا بِي مِنْ الْحُمَّى فَدَخَلَ عَلَيَّ دَاخِلٌ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً بَعْدَكَ أَكْرَمَ مَجْلِسًا وَلاَ أَحْسَنَ حَدِيثًا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ مِنْكُمْ رِجَالاً لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يُقْسِمُ عَلَى اللهِ لاََبَرَّهُ‏.‏

وَقَدْ وَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رُبَّ أَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ تَنْبُو عَنْهُ أَعْيُنُ النَّاسِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لاََبَرَّهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا بَكَّارًا وَابْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَانَا قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لاََبَرَّهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَزِيزٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمْ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ ذِي طِمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لاََبَرَّ قَسَمَهُ مِنْهُمْ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ أَبِي عُقَيْلٍ اللَّخْمِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْد بْنِ مُقْرِنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ‏.‏

وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَ أَبُو دَاوُد وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ بِإِبْرَارِ الْقَسَمِ‏.‏

وَوَجَدْنَا بَكَّارًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لاََبَرَّهُ أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ مُصْفَحٍ عَلَى أَبْوَابِ النَّاسِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لاََبَرَّهُ‏.‏

فَعَقَلْنَا بِمَا تَلَوْنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَبِمَا رَوَيْنَا مِنْ آثَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إبَاحَةَ الْقَسَمِ لأَنَّ الْقَسَمَ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَكَانَ مُسْتَعْمِلُهُ عَاصِيًا وَلَمَا أَبَرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ لأَبِي بَكْرٍ حِينَ أَقْسَمَ عَلَيْهِ لاَ تُقْسِمْ قِيلَ لَهُ إنَّ قَسَمَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ عَلَيْهِ لِيُخْبِرَهُ بِحَقِيقَةِ الْخَطَإِ مِنْ حَقِيقَةِ الصَّوَابِ وَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَوْصُولٍ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى لأَنَّ الْعِبَارَةَ إنَّمَا هِيَ بِالظَّنِّ وَالتَّحَرِّي لاَ بِمَا سِوَاهُمَا‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيهَا كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ‏:‏ التَّفْسِيرُ يَعْنِي الرُّؤْيَا إنَّمَا هُوَ ظَنٌّ أَظُنُّهُ وَلَيْسَ بِحَلاَلٍ وَلاَ حَرَامٍ ثُمَّ قَرَأَ ‏{‏وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا‏}‏ قَالَ أَحْمَدُ يَعْنِي أَنَّ يُوسُفَ عليه السلام قَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا فَكَانَ تَعْبِيرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمِثْلِهَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ أَيْضًا وَكَانَ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ عَنْ الْقَسَمِ عَلَيْهِ لَيُخْبِرَنَّهُ إيَّاهُ لِهَذَا الْمَعْنَى لاَ لِمَا سِوَاهُ‏.‏

ومِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَقْسَمَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اسْتَعْمَلَ عُمَرَ عَلَى الشَّامِ فَلَقِيَهُ وَأَنَا أَشُدُّ الإِبِلَ بِأَقْنَابِهَا فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْتَحِلَ قَالَ لَهُ النَّاسُ أَتَدَعُ عُمَرَ يَنْطَلِقُ إلَى الشَّامِ وَهُوَ هَاهُنَا يَكْفِيكَ الشَّامَ فَقَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَّا أَقَمْتَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا لاَ لِمَا سِوَاهُ مِنْ كَرَاهِيَةِ الْقَسَمِ‏,‏ وَقَدْ أَقْسَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي الأَعْمَشَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ جَاءَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ إلَى أَبِي بَكْرٍ فِي أَشْيَاءَ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ شَيْءٌ تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّكْهُ لاَ أُحَرِّكُهُ فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ شَيْءٌ تَرَكَهُ أَبُو بَكْرٍ إنِّي لاََكْرَهُ أَنْ أُحَرِّكَهُ فَلَمَّا وُلِّيَ عُثْمَانُ اخْتَصَمَا إلَيْهِ قَالَ فَسَكَتَ عُثْمَانُ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى كَتِفَيْ الْعَبَّاسِ وَقُلْتُ يَا أَبَتَاهُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا سَلَّمْتَهُ لِعَلِيٍّ قَالَ فَسَلَّمَهُ لِعَلِيٍّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لاَ تُقْسِمُ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا عَلَى كَرَاهِيَةِ الْقَسَمِ وَلَكِنْ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا‏.‏

وَاَللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ سَقَطَتْ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ حُدُسٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ سَقَطَتْ وَلاَ يَقُصُّهَا إِلاَّ عَلَى حَبِيبٍ أَوْ لَبِيبٍ أَوْ ذِي مَوَدَّةٍ هَكَذَا حِفْظِي إيَّاهُ عَنْهُ وَفِي كِتَابِي الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْهُ فِيهِ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ قَالَ‏:‏ وَأَحْسَبُهُ قَالَ لاَ يُحَدِّثُ بِهَا إِلاَّ حِبًّا أَوْ لَبِيبًا‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ مَا هُوَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا قَبْلَ أَنْ تُعَبَّرَ مُعَلَّقَةً فِي الْهَوَاءِ غَيْرَ سَاقِطَةٍ وَغَيْرَ عَامِلَةٍ شَيْئًا حَتَّى تُعَبَّرَ فَإِذَا عُبِّرَتْ عَمِلَتْ حِينَئِذٍ وَذَكَرَهَا بِأَنَّهَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ أَيْ أَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ أَنَا عَلَى جَنَاحِ طَيْرٍ إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ أَيْ إنَّنِي غَيْرُ مُسْتَقِرٌّ حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ سَفَرِي فَأَسْتَقِرُّ فِي مُقَامِي‏.‏

فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَقَدْ عَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الظُّلَّةِ تِلْكَ الرُّؤْيَا الْمَذْكُورَةَ فِيهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا فَكَانَ مَعْقُولاً أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ خَطَأٌ غَيْرَ عَامِلٍ فِيمَا عَبَّرَ مِنْ تِلْكَ الرُّؤْيَا مَا عَبَّرَهُ مِنْهَا عَلَيْهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعِبَارَةَ إنَّمَا يَكُونُ عِلْمُهَا فِي الرُّؤْيَا إذَا عُبِّرَتْ بِهَا إنَّمَا تَكُونُ تَعْمَلُ إذَا كَانَتْ الْعِبَارَةُ صَوَابًا أَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَا تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ اثْنَيْنِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِهَا مِنْ الآخَرِ فَتَكُونُ مُعَلَّقَةً عَلَى الْعِبَارَةِ الَّتِي تَرُدُّهَا إلَى أَحَدِهِمَا حَتَّى تُعَبَّرَ عَلَيْهِ وَتُرَدَّ إلَيْهِ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ وَتَكُونُ تِلْكَ الْعِبَارَةُ هِيَ عِبَارَتَهَا وَيَنْتَفِي عَنْهَا الْوَجْهُ الآخَرَ الَّذِي قَدْ كَانَ مُحْتَمَلاً لَهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ الْفِطْرَةُ فِي الأَبْدَانِ أَوْ مِنْ الْفِطْرَةِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْفِطْرَةُ قَصُّ الأَظْفَارِ وَأَخْذُ الشَّارِبِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الاِخْتِتَانُ وَالاِسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الآبَاطِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مِنْ الْفِطْرَةِ الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الآبَاطِ وَالاِسْتِحْدَادُ وَالاِنْتِضَاحُ وَالْخِتَانُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَكَرِيَّا يَعْنِي ابْنَ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَالاِسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الآبَاطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ زَكَرِيَّا قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ هَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ لأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْتُمُوهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْفِطْرَةَ هِيَ الثَّلاَثَةُ الأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَفِي الثَّانِي مِنْهَا أَنَّ الْفِطْرَةَ هِيَ الأَشْيَاءُ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ وَفِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْهَا أَنَّ الْفِطْرَةَ الْعَشَرَةُ الأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ مِنْهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّهُ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْفِطْرَةُ كَانَتْ أَوَّلاً الثَّلاَثَةَ أَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الأَوَّلِ ثُمَّ زَادَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا الشَّيْئَيْنِ الآخَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الثَّانِي مِنْهَا ثُمَّ زَادَ اللَّهُ فِيهَا الأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْهَا الَّتِي لَيْسَتْ فِي الأَوَّلَيْنِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ عِبَادَةً لَهُ عَلَى خَلْقِهِ فِي أَبْدَانِهِمْ فَانْتَفَى بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِمَّا وَصَفْنَاهُ تَضَادٌّ‏.‏

وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏